أجبرت الهجمات الوحشية لجيش الاحتلال ١.٩ مليون فلسطيني للنزوح، وقد تدمرت فعليا أكثر من ٧٠ ٪ من البيوت والمباني في قطاع غزة، ومن بينها معظم المرافق الحيوية الخاصة بقطاعات الكهرباء والمياه والصرف الصحي والطرقات، وفي كل من مراكز الإيواء وأماكن النزوح يتكدس من الناس ١٠ أضعاف السعة الاستيعابية لأي من هذه المواقع، بما حولها بالفعل الى بيئة للجوع الشديد وتفشي الأمراض، وفقدان الأمان النفسي والاجتماعي.

إضافة إلى الحصار الذي منع دخول الامدادات ووصولها لهؤلاء النازحين فإن التدمير الممنهج للمؤسسات المحلية، يترك هؤلاء النازحين دون أي خدمات أو رعاية أو حماية تحديدا في ظل غياب المؤسسات الدولية وتماهي جزء منها مع دولة الاحتلال. إن حضور المؤسسات المحلية الفلسطينية يمثل ضمانة حقيقية لهؤلاء النازحين وحقوقهم وقدرتهم على التعبير عن احتياجاتهم الحقيقية وتحقيقها، وعنوان لقدرة المجتمع على النهوض وإعادة تنظيم ذاته، ومنع تقويض البنى الاجتماعية والشبكات التي تسهم في تلبية احتياجات الشرائح المهمشة وتنهض بمبادرات ذاتية لتلبية هذه الاحتياجات. وفي هذا السياق فإن تحويل عشرات الآلاف من المدرسين والممرضين وأصحاب الوظائف والعمال المهرة إلى متطوعين ينهضون بمجتمعهم بشكل جماعي بدل أن يكونوا مجرد متلقين للمعونة هو الضامن لتحويل هذه المساعدات لسياق مستدام من النهوض بالمجتمع الفلسطيني واستعادة الحياة.